ان سفر التكوين هو من وجوه كثيرة أعظم سفر فى الكتاب المقدس إذ يكاد يتضمن كل المعلنات الإلهية باعتبار جوهرها .
الرموز : لنا فى سفر التكوين رموزا شخصية أى أفراد يشيرون إلى السيد المسيح :
آدم : باعتباره أبا للجنس البشرى وباعتبار وجه الخلاف بينهما أيضا ، آدم تجرب من ابليس وسقط ( تكوين 3 ) وأما المسيح فجرب وانتصر : " لأنه كما بمعصية الأنسان الواحد جعل الكثيرون خطاة هكذا أيضا بإطاعة الواحد سيجعل الكثيرون أبرارا " ( رومية 5 : 19 )
ملكى صادق : تكوين 14 : 17 – 20
ملكى صادق – ملك البر
هوذا بالعدل يملك ملك [ إشعياء 32 : 1 ]
ملك شاليم – ملك السلام
يدعى اسمه رئيس السلام [ إشعياء 9 : 6 ، 7 ]
ملك وكاهن
ويجلس ويتسلط على كرسيه ويكون كاهنا [ زكريا 6 : 13 ] .
" مشبه بابن الله " [ عب 7 : 3 ]
رئيس كهنة عظيم قد اجتاز السموات يسوع ابن الله [ عب 4 : 14 ]
لا بداءة أيام له ولا نهاية حياة
حى فى كل حين ليشفع فيهم [ عب 7 : 25 ]
يبقى كاهنا إلى الأبد
وأما هذا فمن أجل أنه يبقى إلى الأبد له كهنوت لا يزول [ عب 7 : 4 ]
قابل ابراهيم بعد حروبه وانتصاره وانعشه بالخبز والخمر وباركه [ تكوين 14 : 18 ]
هكذا المسيح يقترب منا ويعطينا شركة معه بعد أوقات التجربة التى فيها ننتصر على العدو
اسحق : تقدمة اسحق هى أحد اكمل الرموز الكتابية المشيرة إلى الذبيحة العظيمة التى قدمت فى الجلجثة .
جبل المريا [ تكوين 22 ]
جبل الجلجثة
عدد 2 خذ ابنك >>>>>
وحيدك >>>>>>>>>
الله .. كلمنا فى ابنه [ عب 1 : 2 ]
الله.. بذل ابنه الوحيد [ يوحنا 3 : 16 ]
الذى تحبه
الأبن الوحيد الذى فى حضن الآب [ يوحنا 1 : 18 ] .
واذهب إلى أرض المريا
وشرع سليمان فى بناء بيت الرب ..فى جبل المريا [ 2 أيام 3 : 1 ] .
على أحد الجبال الذى أقول لك
ولما مضوا به إلى الموضع الذى يدعى جمجمة صلبوه هناك [ لو 23 : 33 ] .
وأصعده هناك محرقة
مقدسون بتقديم جسد يسوع المسيح مرة واحدة [ عب 10 : 10 ] .
رفع ابراهيم عينيه وأبصر الموضع من بعيد [ عدد 4 ]
الله .. سبق وأنبأ بافواه جميع أنبيائه أن يتألم المسيح [ أعمال 3 : 18 ]
فأخذ ابراهيم حطب المحرقة ووضعه على اسحق ابنه
فخرج وهو حامل صليبه [ يو 19 : 17 ] .
فذهبا كلاهما معا ( عد 6 )
لهذا يحبنى الآب لأنى أضع نفسى لآخذها أيضا ، ليس أحد يأخذها منى بل أضعها أنا من ذاتى ..
هذه الوصية قبلتها من أبى [ يو 10 : 17 ، 18 ]
اين الخروف للمحرقة ( عد 7 )
هوذا حمل الله الذى يرفع خطية العالم ( يو 1 : 29 )
الله يرى له الخروف ( عد 8 )
الخروف الذى ذبح منذ تأسيس العالم ( رؤ 13 : 8 )
فذهبا كلاهما معا ( عد 8 )
أن افعل مشيئتك يا إلهى سررت ( مز 40 : 8 )
بنى هناك ابراهيم المذبح ورتب الحطب وربط اسحق ابنه
مسلما بمشورة الله المحتومة وعلمه السابق ( اعمال 2 : 23 ) .
ووضعه على المذبح فوق الحطب ( عد 9 )
الرب وضع عليه اثم جميعنا ( إش 53 : 6 )
ثم مد ابراهيم يده وأخذ السكين ليذبح ابنه ( عد 10 )
أما الرب فسر بأن يسحقه ( إش 53 : 10 )
إلهى إلهى لماذا تركتنى : مت 27 : 46 ، مز 22 : 1
فذهب ابراهيم واخذ الكبش واصعده محرقة عوضا عن ابنه ( عد 13 )
كشاة تساق إلى الذبح .. وآثامهم هو يحملها ( إش 53 : 7 ، 11 ) .
يوسف : لنا فى يوسف صورة تمثل المسيح فى كثير من صفاته وأعماله .
فلك نوح : نرى فى فلك نوح رمزا لخلاص الله المعد للبشر فى شخص السيد المسيح ، : " ويكون انسان كمخبأ من الريح وستارة من السيل " [ إش 32 : 2 ] .
نوح : إذ خرج نوح إلى الأرض الجديدة التى غسلتها مياة الطوفان " إبتدأ نوح يكون فلاحا وغرس كرما " ( تك 9 : 20 ) لم يكن " عاملا فى الأرض " ( تك 4 : 2 ) كما كان قايين بل فلاحا يغرس كرما ، نوح يشير إلى السيد المسيح الذى جاءنا كفلاح يغرس كرمه من جديد ، أى الكنيسة التى صارت كما فى أرض جديدة ترتوى بمياة الروح القدس وتغتسل بدم السيد المسيح القدوس .
سلم يعقوب : من أمثلة السيد المسيح سلم يعقوب التى وصلت بين السماء والأرض ؛ وهى أيضا من هذا القبيل مثال للصليب .
وعدا ذلك نرى فى سفر التكوين ظهورات كثيرة للسيد المسيح فى الصورة البشرية تحت اسم " ملاك الرب " ، لا شك أن هذا الذى كان يظهر إنما هو المسيح نفسه :
" الله ظهر فى الجسد " الذى قال : " قبل أن يكون ابراهيم أنا كائن " .
فى تك 16 : 7 – 14 : ظهر لهاجر وقال لها : " تكثيرا أكثر نسلك " ....
وفى تك 18 ظهر الرب لأبرام عند بلوطات ممرا ، فرفع ابرام عينيه ونظر وإذا ثلاثة رجال واقفون لديه ، فهيأ لهم طعاما ودعاهم للأكل ، ولنا فى عدد 22 وص 19 : 1 دلالة على أن اثنين من الثلاثة ذهبا إلى مدينة سدوم ، وعلى أن ابراهيم لم يزل واقفا أمام الثالث الرب ، ثم نجد ملاك الرب ينادى ابراهيم قائلا :
" بذاتى أقسمت يقول الرب " ... ومن هنا نعلم أن كلمة " الرب " و " ملاك الرب " مترادفتان بحيث يصح أن نستعمل الواحدة موضع الأخرى .
+ + +
المسيح الخالق
بدأ سفر التكوين بهذه الأفتتاحية البسيطة :
" فى البدء خلق الله السموات والأرض " ع 1
إن كان التعبير " فى البدء " لا يعنى زمنا معينا ، إذ لم يكن الزمن قد أوجد بعد ، حيث لم تكن توجد الكواكب بنظمها الدقيقة ، لكنه يعنى أن العالم المادى له بداية وليس كما أدعى بعض الفلاسفة أنه أزلى ، يشارك الله فى أزليته .
" فى البدء " لا يعنى زمنا وإلا كان للبدء بداية ونهاية ، لكن " البدء " هنا يعنى حركة أولى لا كما زمنيا ، كقول الكتاب : " بدء الحكمة مخافة الله " ( أم 9 : 10 ) .
يأخذ كثير من الآباء بأن عبارة " فى البدء " من الجانب الروحى تعنى " فى المسيح يسوع " أو " فى كلمة الله " خلقت السموات والأرض ..
عندما سأل اليهود السيد المسيح : من أنت ؟ أجابهم : " أنا هو البدء " ( يو 8 : 25 ) . هكذا فى البدء خلق الله السموات والأرض .
+ من هو بدء كل شىء إلا ربنا ومخلص جميع الناس ( 1 تى 4 : 10 ) يسوع المسيح ، : " بكر كل خليقة " ( كو 1 : 15 ) ؟ وكما يقول الأنجيلى يوحنا فى بداية إنجيله : " فى البدء كان الكلمة ، والكلمة كان عند الله ، وكان الكلمة الله ، هذا كان فى البدء عند الله ، كل شىء به كان وبغيره لم يكن شىء مما كان " ( يو 1 : 1 – 3 ) . فالكتاب لم يتحدث عن بداية زمنية ، إنما عن هذه البداية التى هى المخلص ، إذ به صنعت السموات والأرض .
لما شرع السيد المسيح فى خدمته الجهارية ، فى مجمع الناصرة مستخدما أقوال أشعياء النبى : " روح الرب على لأنه مسحنى لأبشر المساكين أرسلنى لأشفى المنكسرى القلوب "
قال : " اليوم قد تم هذا المكتوب فى مسامعكم " [ لوقا 4 : 18 – 21 ] ، وقال فى موعظته على الجبل : " لا تظنوا أنى جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء ، ما جئت لأنقض بل لأكمل . فإنى الحق أقول لكم إلى أن تزول السماء والأرض لا يزول حرف واحد أو نقطة واحدة من الناموس حتى يكون الكل " [ متى 5 : 17 – 19 ] .
لقد اقتبس السيد المسيح الكثير من آيات العهد القديم ، والأحداث والرؤى ، والوصايا ... والنبوات فى الأنبياء ؛ كلها تشير إلى مجىء السيد المسيح ، بل أن العهد القديم بكل أسفاره ينصب فى اتجاه واحد هو " مجىء مخلص العالم " ..
كان السيد المسيح يوجه أنظار اليهود إلى ما كتب عنه من خلال العبارات :
" أما قرأتم " و " مكتوب " ، و "لا يمكن أن ينقض المكتوب " و " الكتب تشهد لى " و " ينبغى أن يتم الكتاب " .....
ولما دنا من الصليب لم تزل شهادته للأسفار ذات معنى مقدس " ها نحن صاعدون إلى أورشليم وسيتم كل ما هو مكتوب بالأنبياء عن ابن الأنسان " [ لوقا 18 : 31 ] .....
ولعل أعظم شهادة شهد بها لأسفار العهد القديم كانت بعد قيامته من الأموات ، ففى يوم القيامة ذاته قال للتلميذين المنطلقين إلى عمواس : " أيها الغبيان والبطيئا القلوب فى الإيمان بجميع ما تكلم به الأنبياء ، أما كان أن المسيح يتألم بهذا ويدخل إلى مجده ، ثم ابتدأ من موسى ومن جميع الأنبياء أن يفسر لهما الأمور المختصة به فى جميع الكتب " [ لوقا 24 : 25 – 27 ] .... لقد أثبت أن العهد القديم بجملته يشهد لمسيح العهد الجديد .
وبعد هذا ظهر للأحد عشر " وقال لهم هذا هو الكلام الذى كلمتكم به وأنا بعد معكم أنه لا بد أن يتم جميع ما هو مكتوب عنى فى ناموس موسى والأنبياء والمزامير . حينئذ فتح ذهنهم ليفهموا الكتب وقال لهم هكذا هو مكتوب وهكذا كان ينبغى أن المسيح يتألم ويقوم من الأموات فى اليوم الثالث " [ لوقا 24 : 44 – 46 ] .
ولكن خشية أن لا يكون هذا كافيا لتثبيت إيماننا ظهر السيد المسيح فى رؤيا ليوحنا متوشحا بمجده الأسمى وهو لا يزال يقتبس من الكتب المقدسة دالا بها على نفسه بحسب الخطة التى سار عليها وهو على الأرض حيث يقول : " لا تخف أنا هو الأول والآخر والحى وكنت ميتا وها أنا حى إلى أبد الآبدين آمين ولى مفاتيح الهاوية والموت " [ رؤيا 1 : 17 ، 18 ]
ثم يقول مشيرا إلى نفسه : " الذى لـه مفتاح داود الذى يفتح ولا أحد يغلق ويغلق ولا أحد يفتح " [ رؤيا 3 : 7 ] ؛ فقد استشهد هنا بعبارتين وردتا فى نبوة إشعياء أحد أنبياء العهد القديم ، الأولى قولـه " هكذا يقول الرب .... رب الجنود ، أنا الأول وأنا الآخر ولا إله غيرى .... " . [ إشعياء 44 : 6 ] ، والثانية قولـه : " واجعل مفتاح بيت داود على كتفه فيفتح وليس من يغلق ويغلق وليس من يفتح " [ إشعياء 22 : 22 ] .
حقا إن بيده مفتاح الأسفار المقدسة ! فهو الذى يفتح ما استغلق من معانيها للمتواضعين ويفتح أذهانهم لقبول تلك المعانى