لانك تقول اني انا غني و قد استغنيت و لا حاجة لي الى شيء و لست تعلم انك انت الشقي
و البئس وفقير و اعمى و عريان
(الرؤيا 3 : 17)
فى إحدى الأمسيات ، وقفت بسيارتى أمام السوق منتظراً خروج زوجتى من عملها
. ولما كنت قد عدت لتوى من غسيل السيارة ، فقد رحت ألمعها . وإذا بشخص
يعتبر اجتماعيا من الذين لا يريدون أن يشتغلوا يتجه ناحيتى ، قادما من
الجانب الآخر لساحة الانتظار
من مجرد النظر لهيئته ، تدرك أنه ليس عنده سيارة ، أو منزل ، أو نقود
ولا حتى ملابس نظيفة . وهناك أوقات تحس فيها بالكرم ، ولكن فى أوقات أخرى
تتمنى لو لم يزعجك أحد .
وكنت ساعتها فى مثل هذا الوقت الذى لا أود أن يزعجنى أحد . فكرت لحظتها قائلا " أتمنى لو لا يطلب نقوداً " .ولم يطلب الرجل ، بل جاء وجلس على حافة الرصيف أمام موقف الأتوبيس .
لم يبدو عليه أنه من الممكن أن يكون معه نقود تكفى لمجرد ركوب الأتوبيس . وبعد بضعة دقائق قال الرجل " هذه سيارة جميلة جداً " . ومع أنه كان يرتدى أسمال بالية، لكن كانت تحيطه هالة من الكرامة الشخصية. فرددت عليه قائلا " شكراً" واستمررت فى تلميع السيارة . وقد جلس هو هادئا فى مكانه ، بينما أنا منهمك فى تلميع سيارتى . أما التماسه المتوقع للنقود ، وطلبها منى فلم يجئ أبدا .
ولم طال الصمت بيننا أحسست بهاتف داخلى يقول لى اسأله أنت هل يحتاج هو لأى نوع من المساعدة
وقد كنت متأكدا من رده ، أنه سيكون بالإيجاب ، ولكننى تمسكت بصدق الهاتف الداخلى .
فسألت الرجل قائلا له " هل تريد أية مساعدة ؟ "
فأجاب فى ثلاث كلمات بسيطة ، ولكنها عميقة جداً ، ولن أنساها ما حييت . فنحن دائما ننتظر الحكمة
من رجال أو نساء عظيمة . ونتوقعها من أصحاب العلم العالى ، والإنجازات العظيمة .
ولم أتوقع شيئا من هذا الرجل أكثر من يد ممدودة غير نظيفة . ولكنه نطق بثلاث كلمات أذهلتنى .
فقد قال " السنا جميعنا هكذا ..؟ "أنا شخصيا أحتاج للمساعدة . ربما ليس لركوب الأتوبيس أو لمأوى ، ولكننى فى الحقيقة أحتاج للمساعدة .
وهنا أخرجت حافظة نقودى وقدمت منها للرجل ، ليس ما يكفى لرحلة الأتوبيس ، بل ما يكفى لوجبة ساخنة وأجر الإقامة فى مكان مناسب لمدة يوم . ولكن ما زالت هذه الكلمات الثلاثة تبدو صادقة وحقيقية .
فمهما كان لديك ، مهما كان ما حققته من إنجازات .أو مهما كان الذى لك قليلا ومهما كان حجم المشاكل التى تثقل كاهلك ، وحتى بدون أن يكون لديك نقود ، أو مأوى ، فأنت يمكنك أن تقدم المساعدة .
حتى لو لم تكن أكثر من مجرد إطراء ، فإنك يمكنك تقديم ذلك .
أن الجميع ينتظر منك أن تقدم لهم ما لا يملكونه .
ربما رؤية مختلفة للحياة أو ربما لمحة من شئ جميل ،أو مهلة من المهام اليومية
شئ ما يمكنك وحدك أن تراه فى هذا العالم المطحون .
ربما الرجل لم يكن غير غريب بلا مأوى ، يهيم بالطرقات . ولكنه قد يكون هو أعظم من هذا .
فقد يكون قد أرسل بواسطة قوة أعلى وأحكم لتقود نفسا أخرى لتجد راحة داخلية .
أو ربما يكون الله قد تطلع من السماء ، ثم أرسل ملاكا فى صورة إنسان بلا
عمل ، ثم كلفه قائلا " اذهب وساعد هذا الرجل الذى يلمع سيارته ، فهو يحتاج
للعون لانك تقول اني انا غني و قد استغنيت و لا حاجة لي الى شيء و لست تعلم
انك انت الشقي و البئس و فقير و اعمى و عريان (الرؤيا 3 : 17) ".
" و نطلب اليكم ايها الاخوة انذروا الذين بلا ترتيب شجعوا صغار النفوس
اسندوا الضعفاء تأنوا على الجميع (تسالونيكي الأولى 5 : 14) " .
" احملوا بعضكم اثقال بعض.و هكذا تمموا ناموس المسيح (غلاطية 6 : 2) " .
" فيجيب الملك و يقول لهم :
الحق اقول لكم بما انكم فعلتموه باحد اخوتي
هؤلاء الاصاغر فبي فعلتم (متى 25 : 40
منقوول