أَنْتُمْ نُورُ الْعَالَمِ. لاَ يُمْكِنُ أَنْ تُخْفَى مَدِينَةٌ مَوْضُوعَةٌ عَلَى جَبَل، 15 وَلاَ يُوقِدُونَ سِرَاجًا وَيَضَعُونَهُ تَحْتَ الْمِكْيَالِ، بَلْ عَلَى الْمَنَارَةِ فَيُضِيءُ لِجَمِيعِ الَّذِينَ فِي الْبَيْتِ. 16 فَلْيُضِئْ نُورُكُمْ هكَذَا قُدَّامَ النَّاسِ، لِكَيْ يَرَوْا أَعْمَالَكُمُ الْحَسَنَةَ، وَيُمَجِّدُوا أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ
ما أعظم هذه الكلمات الثلاث
« أنتم نور العالم »!
أخواتى
هل وعيت كلمات المسيح الرائعة
إن الخطر الكبير علينا هو أن نعتبر
إذا قرأنا مثل هذه الكلمات أن هذا التكليف العظيم تقع مسئوليته على أكتاف أشخاص آخرين سوانا
أو كأنه قاصر على فئة من المؤمنين لا تتعداهم
هذا ليس صحيحاً بالمرة فمسئوليته تقع على كل مؤمن ومؤمنة في الوقت الحاضر
ويا لها من مسئولية
إن العالم اليوم يغط في الظلام المخيف وينتظر قتام الظلام إلى الأبد، والمطلوب من كل مؤمن حقيقي بالمسيح أن يهدي النفوس المتعبة إلى المسيح مُريح التعابى ومخلص الخطاة
ولا يقلل من هذه المسئولية كون العالم لا يشعر أنه في ظلمة
بالعكس
إن ما يضاعف المسئولية على المؤمنين ويزيد من صعوبة التكليف الذي أمامهم،
هو أن العالم اليوم يفتخر باستنارته
فالاستنارة هى الكلمة التي تلذ للمفكرين أن يستخدموها عند وصفهم لأحوال العالم
ابتداءً مما أسماه المؤرخون بعصر النهضة أو التنوير
لكن العالم رغم استنارته العلمية
يرزح في ظلمة روحية كثيفة أكثر من أي وقت مضى
صحيح أن العلم استطاع أن يحطم الذرة ويكتشف القوة النووية الجبارة
لكن أين هى الأخلاق التي تضمن حصر استخدام هذه القوة في نفع البشرية وخدمتها
لا في تدميرها وإبادتها
نعم أين هى الأخلاق في عالم أصبح الإرهاب والقتل يمثلان المادة الكبرى من أخبار وسائل إعلامه
وصحيح أن الطب تطور بفضل اكتشاف العديد من العلاقات العضوية والحيوية
لكن ماذا عن العلاقات الأسرية المنهارة
وصحيح أنه بفضل تطور وسائل النقل والمواصلات تقاربت المسافة بين البلدان والقارات
دبل والكواكب الأخرى
لكن في نفس الوقت تباعدت المسافة بين الشقيقين
وأهم من كل ما سبق ما أوسع الشقة التي تفصل الإنسان عن الله
وتنتظره هوة عظيمة تبعده تماماً عن محضر الله حيث ترن في الأبدية أصداء كلمات المسيح المُرعبة
« تباعدوا عني يا جميع فاعلي الظلم »
لهذا يقول المسيح لتلاميذه
« أنتم نور العالم »
وعلى قدر اشتداد الظلمة تكون الحاجة للنور وفي الليلة الليلاء يفتقد البدر