"هل تبحث عن السعادة الحقيقية ؟"
قال لي شاب : "ما أطلبُه من الله هو أن أتقدّمَ في عملي ، وأجدَ شريكة حياتي، وأبني بيتاً، وأنعم بأولاد ، عندها أكون أسعد إنسان ." بعد مرور هذه السنوات الطويلة ، وبسبب ظروف معاكسة كثيرة،كان ما زال هذا الشاب في وظيفته نفسها ، لم يتزوج ولم ينجب اولاداً ، كما لم يستطع بناء بيته المنشود ؛ وكنت أراه في انزعاج دائم وتشكّي وتذمّر ... لم يجد سعادته ولم يحقق رغباته ، فأصبح تعيساً وجافّاً .
كثيرون من الناس ينشدون السعادة في هذه الأرض ، فيسعون في أعمالهم باجتهاد وكد ، لتحصيل المال وجمعه ، لامتلاك البيوت والعقارات ، لشراء السيارات ومُتع الحياة، للتمتع بالمآكل الفاخرة والمشروبات الروحية أحياناً والمحرقة أحيانا أخرى، للوصول إلى الملذات الجسدية المختلفة... لكنهم رغم ذلك ، يعترفون انهم لم يصلوا بعد إلى السعادة الحقيقية الكاملة.
في نفس ذلك المصرف الذي عملت فيه ، كانت توجد سيدة محترمة ، لها رتبة جيدة، زوجها غني، حسابها ، بل حساباتها كانت فائضة بالعملة الوطنية والعملات الأجنبية المختلفة، تملك عدة عقارات، في بيروت والبقاع ، وشقة في فرنسا لتمضية العطل، تلبس افخر الثياب ... وكانت حسب الظاهر سعيدة جداً، لكن، وبينما كنت أقدّم لها رسالة الله في المسيح ، كنت أرى جفاف قلبها ويبوسة روحها ... بعد مرور عدة سنوات ، توفّي زوجها بمرض عضال، فاختفت نضارتها ؛ وخسرت أموالا طائلة بسبب أسعار البورصة المتقلّبة، فزالت مظاهر السعادة، وحلّ محلها شحوبُ الاضطراب النفسي والانهيار والقنوط. قد لا تكون هذه الحالة حالتك؛ لكننا جميعاً في هذه الأرض ، سنخسر شيئاً ما , أو أشياء، أو اشخاصاً أعزاء ، فتنهار عندها قواعد السعادة التي بنيناها في مخيّلتنا، أو حتى في اجتهادات وعمل السنين الطويلة.
ليس من سعادة حقيقية كاملة على هذه الأرض الناقصة ، لأنّ الخطيئة التي اقترفها الإنسان ضدّ الله ، قد فصلت بين البشر وخالقهم ، رب السعادة والكمال (أش 2:59).
لم يسْعَ الإنسان باتجاه السعادة الحقيقية، بل تركّزت مجهوداته نحو ما هو زائل ومزيّف وفاسد.فحتى العديد من الأديان والطوائف بل والبدع الدينية، وعدت أتباعها بصُوَر من السعادة ، تلخّصت في أكل وفير وزواج مديد ، وغَرُب عن بالهم أنّ الله قد اعدّ أسمى ما هو في نظرهم وسمعهم وبالهم حيث نقرأ : " ما لم ترَ عين ، ولم تسمع أذن، ولم يخطر على بال إنسان ، ما أعدّه الله للذين يحبّونه " (1كو 9:2)؛ "فملكوت الله ليس اكلاً وشرباً، بل هو برّ وسلام وفرح في الروح القدس"(رو17:14)؛ وقد قال السيد المسيح:"أبناء هذا الدهر يزوّجون ويتزوّجون؛ ولكن الذين حسبوا أهلاً للحصول على ذلك الدهر والقيامة من الأموات، لا يزوّجون ولا يتزوّجون ... لأنهم مثل ملائكة الله ، وهم أبناء القيامة"(لوقا 34:20-36) صحيحٌ أن الحياة التي أعطانا الله حلوةٌ ، فيما لو سِرنا في مرضاته ، لكن بسبب الخطيئة ، أصبحت حياتنا وأرضنا ملعونةً،لذلك ساد البؤس مكان الفرح،واليأس مكان السعادة.(تك 17:3).
لذلك جاء المسيح وضحّى بنفسه من أجل العالم ، حتى كل مَن يؤمن به له الحياة الأبدية , وهو الذي قال :"أنا أتيت لتكون لهم حياة ، وليكون لهم افضل؛ أنا هو الراعي الصالح ، والراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف ... خرافي تسمع صوتي ، وأنا أعرفها فتتبعني ، وأنا أعطيها حياة أبدية ولن تهلك الى الأبد ، ولا يخطفها أحدٌ من يدي ..." (يوحنا 28,27,11,10:10) .
إن أردت السعادة في الحياة الأبدية ، آمن بالمسيح الفادي ، والحياة والحق والطريق إلى السماء ؛
سلّمه قلبك وأمرَك الآن ، وهو قادرٌ أن يملأ فراغك ، ويجدّد حياتك.