.... أما عن برنامج السهرة ، فسنلتقي في الساعة الواحدة بفيلم السهرة ....... بطولة الممثل ( .... ) و النجمة (......) و نخبة من ألمع الفنانين ، أما الآن ، فمع برنامج مجلة الأغاني وباقة من أحدث أغاني الفيديو كليب. "
قالتها المذيعة بابتسامة عريضة.
جلست أتابع البرنامج ثم شاهدت الفيلم الكئيب ثم تحاملت على نفسي بصعوبة لأصل للسرير حوالي الساعة الثالثة صباحا ، وأنا في طريقي للسرير دارت داخلي معركة شديدة ، هل أصلي أم لا ؟ و كانت هناك عقبات شديدة قدامي.
أولا: أنا تعبان وأتخبط في الأرض والنوم كابس علي خالص.
ثانيا : هل يليق بي أن أصلي بعد مشاهدة الفيلم وأحداثه السخيفة مازالت عالقة بتلافيف مخي
ثالثا : إنها الساعة الثالثة صباحا ، فهل أصلي صلاة النوم أم صلاة نصف الليل أم صلاة باكر !
و أخيرا تفتق ذهني لحل عبقري ، فلن أصلي لا صلاة النوم أو نصف الليل أو باكر ، سأصلي من أعمق أعماق قلبي صلاة ارتجالية فقط !!
" بسم الآب والأبن والروح القدس ، إله واحد آمين ، يارب ساعدني في مذاكرتي ، يارب اشفني من دور البرد السخيف ده ، ساعدني في مادة العربي ، لأني أكرها وبالذات النحو ، لا تتركني في مادة الإنجليزي ، لأني لا أفقه فيها شيئا ، ساعدني في الكيمياء فأنا لا أستطيع حفظ الصيغ الكيمائية المعقدة ، لا تتركني في الفيزياء بألغازها الصعبة ساعدني في ....
لك كل المجد من الآن وإلى الأبد ، آمين. "
و دخلت للسرير وأنا مستريح الضمير ، هادئ البال ، ...
و لكني لم أستطع النوم ، فقط استرخيت على السرير ولكن النوم لم يداعب جفوني رغم تعبي الشديد ، لأني انشغلت في التفكير في مسألة خطيرة و هي : هل أنا هكذا صليت ، هل هذه صلاة ؟
في البداية تكاسلت عن صلاة الأجبية بحجة إني سأصلي صلاة ارتجالية ، وهل تمنع صلاة الأجبية عن الصلاة الارتجالية ؟ بالطبع لا.
أنا الذي أتحجج بحجج واهية بالرغم إني أدرك جمال المزامير التي كتبها داود النبي ، والتي أشعر ــ عندما أصليها ــ إنها مكتوبة لي ، فعندما أكون حزينا ومتضايقا وخائفا من المستقبل ، أجد مزمور ( الساكن في ستر العلي ، الرب نوري و خلاصي ممن أخاف ) فأشعر بسلام شديد وبيد ربي معي في كل وقت ، و عندما أريد مساعدة إلهي في الامتحانات أجد مزمور ( اللهم التفت إلى معونتي ، يستجيب لك الرب في يوم شدتك ) يطمئني و يريحني.
و صلاة المزامير مهمة أيضا فهي تعلمني كيف أصلي ، كيف أحدث إلهي وتجعلني دائما أقول إني محتاج إليك يا ربي كل يوم.
ثانيا : لقد لاحظت إن كل صلاتي طلبات ، فقط طلبات ، فأنا لم أشكر ربي على أي شئ ، لم أشكره على وقوفه معي في حياتي و لا على صحتي ولا على مذاكرتي ولا .... و لم أتذكر قول أحد القديسين : ليست عطية بلا زيادة إلا التي بلا شكر.
ثالثا: كل طلباتي أرضية بحتة ، مذاكرة ، شفاء من مرض ،.....
لم أطلب من ربي أن يغفر لي خطاياي ، أن يقربني إليه ، أن يشبعني ويشبع حواسي وأفكاري ومشاعري ، أن يجعلني أحب الصلاة ، أن أستلذ الإنجيل ، أن أتذوق جمال القداس الإلهي ، لم أساله أن يغير طبيعتي الخاطئة بقوة جسده الطاهر ودمه الأقدس ، أن يجعلني أكره الخطية ، أن يعيدني لأحضانه.
رابعا : حتى طلباتي الجسدية تافهة وأنانية ، فلم أذكر أهلي أو أقاربي ، أبى ، أمي ، أصدقائي ، كل ما فكرت فيه نفسي فقط.
حزنت جدا على مستوى الصلاة الذي وصلت إليه ، واضح أني لا أفهم معنى الصلاة ، فالله قد سمح لي أنا الحقير بأن أكلمه و أتحدث معه وأشكو له همومي ، وأنا استبدلت أعظم علاقة في الكون ، علاقتي بإلهي ، بعبارات جوفاء.
قررت أن أتغير ،أن أتذوق الصلاة ، أن أعود لصلاة المزامير ، أن أطلب ملكوت الله وبره أولا.
و قمت وصليت وقلت :أمل يارب أذنك و استمعني لأني مسكين وبائس أنا .... يا إلهي خلص عبدك المتكل عليك ، ارحمني يارب لأني إليك أصرخ اليوم كله .... أنصت يارب إلى صلاتي وأصغ إلى صوت تضرعي ، في يوم شدتي إليك صرخت فأجبتني (مزمور 85 )