الشبهة :- يقرأ المعترض الآيات المقدسة السابقة و يبدأ بنقدها و يخرج لنا في النهاية بعدة استنتاجات يزعم بها أن الآيات المقدسة السابقة تسيء لرب السلام بعد نواحي تشمل ما يلي :- يبين النص أن المسيح دخل إلى الهيكل و لم يذكر السبب و أخذ يطرد جميع الذين يبيعون ويشترون في الهيكل من دون حق !!!، حتى الحيوانات أخرجها وقلب موائد الصيارفة و كب دراهمهم فهل يليق هذا الكلام برب السلام ؟ هل هذه أفعال المسيح ؟!! يرينا النص أن المسيح غضب بعنف لدرجة أنه صنع سوطا من الحبال ليجبر الناس على الخروج بقوة حتى أنه لم يدع أحد يجتاز بمتاع فكيف هذا و الغضب نفسه خطيئة فالمسيح بنفسه قال :- كل من غضب على أخيه يستوجب المحاكمة اذا هذا النص يجعل المسيح خاطئ و مستوجب للحكم ؟!! . الرد :- ردي سيكون مقسم على أسئلة تغطي هذه الشبهة بالكامل :- أولا : لماذا دخل المسيح للهيكل و طرد الجميع منه ؟ ثانيا : لماذا دخل المسيح بكل هذه القوة حتى أن الجميع خافوا منه ؟ ثالثا : هل ضرب المسيح أحدا من الشعب رغم غضبه ؟ رابعا : هل غضب المسيح له المجد بعتبر خطيئة ؟ لنبدأ سؤال سؤال :- . أولا : لماذا دخل المسيح للهيكل و طرد الجميع منه ؟ الهدف من دخول المسيح للهيكل هو تطهير بيت ألله المقدس من الشعب الذين دنَّسوهُ من طمعهم وعدم اعتبارهم لهُ كبيت مقدس لله لهذا السبب طرد المسيح الجميع من الهيكل لأن الجميع قد تغافلوا عن طهارة بيت ألله المقدس و لم يكتفوا بهذا بل جعلوا بيت مقدس مغارة لصوص ومن طمعهم ملأُوهُ تجارةً وأما المسيح فلم يستطع أن يطيق أن يحصل هذا في بيت أبيه و غار عليه كما هو منبئ عنه في مزمور 69 : 9
و هذا سبب دخول المسيح للهيكل و طرد الجميع منه . ثانيا : لماذا دخل المسيح بكل هذه القوة حتى أن الجميع خافوا منه ؟ دخل المسيح بقوة ليعلم الشعب أنه ارتكب خطيئة كبيرة و بالتالي يمنع من تكرارها دخل المسيح الهيكل بقوة لا بخوف أو جبن لكمال قداسته فسر قوة المسيح هي قداسته فقداسته أعطته قوة ليأمر كل ذي سلطان و يقول له بصيغة الأمر : ٱرْفَعُوا هٰذِهِ مِنْ هٰهُنَا فالخاطئ جبان تجاه الناس وتجاه ضميره يخاف و يهرب من البار الجريء لنتأمل الآيات التالية من سفر الأمثال 28 : 1
فالمسيح أتى مستعداً ولم يبطئ في عمله . طرد المواشي وقلب موائد الصيارفة، لأن ليس من يدٍ تفعل ذلك غير يده المقدسة و الشعب خاف منه لأنه شعب شرير و خاطئ و هذا أيضا يذكرنا بالآية التالية من سفر الأمثال 10 : 24
فضمير رؤساء الهيكل وتجّارهم كان نصيراً لعمله، وقيّدهم، فلما انتهرهم ذلُّوا أمامه . ثالثا : هل ضرب المسيح أحدا من الشعب رغم غضبه ؟ من التدقيق في النص نتأكد أن المسيح لم يضرب أحدا و لم يستعمل العنف مع الباعة والصيارفة لأنه أرادهم أن يعرفوا أن غضبه ليس موجّهاً ضد أشخاصهم، بل ضد أعمالهم الخاطئة . رابعا : هل غضب المسيح له المجد بعتبر خطيئة ؟ بداية لنتفق على شيء أن الغضب قد يكون فضيلة كما قد يكون اللطف رذيلة و هنا يلزمني لشرح نوع من الغضب الفاضل يطلق عليه " الغضب المقدس " وقد أوضح الرسول بولس فكرة عن الغضب المقدس في قوله في أفسس 4: 26
الغضب مقدس هو الغضب الذى يصدر بسبب الغيرة على مجد الله والكنيسة. أو من المسئول عن الحفاظ على حق أو من الرؤساء ضد الإهمال. لكن الغضب المقدس له شروط معينه من طبقها لا يعتبر خاطئ إذ يُشترط في الغضب المقدس أن يخلو من كل غاية أنانية، ومن كل حركة مستقبَحة كالضرب و من كل لفظ سيء أو كفر أو لعنة ... و أن لا يوجه الغضب على الشخص نفسه بل على أعماله الخاطئة تغضب على أعمال الشخص و ليس عليه لأن اعماله إن زالت يزول غضبك عليه أما ان غضبت من الشخص نفسه فلن يزول غضبك عنه سواء إن زالت كل أعماله السيئة أم لا و هذه الشروط طبقها المسيح حرفيا إذ لم يضرب أو يلعن أو يشتم أو يكفر رغم غضبه الشديد و لم يكون غضبه من أجل غاية انانية لأجله بل من أجل ألله أبيه غضب المسيح "غضباً مقدساً" على الأفعال الخاطئة وليس على الأشخاص لهذا نجده أن المسيح لم يستعمل العنف مع الباعة والصيارفة لأنه أرادهم أن يعرفوا أن غضبه ليس موجّهاً ضد أشخاصهم، بل ضد أعمالهم الخاطئة و متى امتنعوا عن هذه الأعمال الخاطئة يزول غضب المسيح عليهم و من كل ما سبق يعتبر غضب المسيح غضب مقدس خالي من أي خطيئة اذا لم يعطي ابليس مكانا في غضبه و شكرا