كل الأشياء تعمل معا للخير
ثم حملت القديسة بولد وجاءت ساعة ولادته وكانت وقتها بالأقصر وزوجها بالإسكندرية ومن قلقه عليها كان دائم الاتصال بالطبيبة المولدة ليطمئن فأحس من خلال ردود الطبيبة أنها تحاول أن تخفى شيئا. فلم يكن أمامه سوى مناجاة اللـه وصلاته "يارب انت عارف انها بعيدة عنى بمئات الكيلومترات، إرشدنى للى بيحصل معها وطمئني على سلامتها". ثم فتح الإنجيل ليجد إرادة اللـه "و تعجب بيلاطس إنه مات هكذا سريعا – مر 15 : 44" فإتصل على الفور بالطبيبة قائلا " يا دكتورة رفقة الولد مات أخبار أمه ايه؟" فاندهشت الطبيبة وقالت "يا خبر ايه اللي عرفك" فرد قائلا "مش مهم . المهم طمنينى عليها" ثم أمسك التليفون ليطمئن على حالها وبحكمته المعهودة أراد أن يخفف عنها هذه الفجيعة فأرسل لها تلغراف مهنئا إياها على سلامتها وذلك قبل سفره إليها. ولقد أطلق على هذا الولد اسم ايليا لأنه أحس بأنه صعد سريعا إلى السماء، فلقد تناولت أمه أثناء حمله تسعين مرة من يد قداسة البابا كيرلس.
نبوة للبركة والتعزية
التقى الدكتور أنسى بأبيه الروحي قداسة البابا كيرلس السادس وقال له "صلى لأجل زوجتي يا سيدنا لأن جلنا ولد وراح على طول واحتمال الصدفة دى متتكررش تانى" فرد عليه العظيم بين القديسين البابا كيرلس قائلا "يا وحشين ما تحبوش تدوا البكور لربنا ، مين يستاهل يديله البكور، طب ربنا يهديكم ويصلحكم" ورفع قداسته يده عاليا مشاورا بأصابعه الثلاثة "بكره ربنا يديكم ويديكم ويديكم لغاية ما تقولوا بس" وفعلا حباهم الرب بثلاث أولاد.
موهبة الكشف الروحي :
وهبها اللـه نقاوة قلب غير عادية وشفافية كشفت أمامها أمورا يتعجب منها، فكانت تبادر زوجها بأحداث في حياته أو بأحداث تخص عمله أو أهله وتقول له مثلا "اللـه .. هو حصل كذا وكذا؟" ويحتار من معرفتها بتلك الأمور.
1- وفاة أخيها توفيق :
في عام 1971 إستلم زوجها تلغرافا ينبئه بوفاة الأخ توفيق اسحق وظل محتارا كيف يوصل لها هذا الخبر المؤلم؟ ويا للعجب فحينما أغلق عيادته وصعد لشقته إذ بها تفتح الباب وتبادره دون أن يخبرها بشيء "هو توفيق انتهى وإلا ايه؟"
2- موكب ملائكي :
حدث وقت انتقال والدها بالإسكندرية وكانت ما تزال تسكن بالأقصر مع زوجها انها استيقظت في منتصف الليل وأيقظت زوجها قائلة له "بابا خلاص إنتقل وإرتاح من أتعابه، أنا شفته دلوقتى محمول على ملاية بيضاء وماسكها أربع ملائكة وهما طالعين به للسما". وقد تلقوا نبأ وفاته صباح اليوم التالي وعندما سافروا إلى الإسكندرية للعزاء علموا أن ساعة انتقاله كانت بالضبط في الساعة التى رأته فيها صاعدا للسماء في ثوب المجد وسط زفوا الملائكة
3- ظهورات وتجليات :
و كانت لما تشتاق لأحد أفراد عائلتها المتنقلين تناجيهم فيظهروا لها بكامل هيئتهم وتقضى ليالي كاملة في صحبتم وثاني يوم تخبر زوجها بأنها قضت تلك الليلة مع أختها جوليا أو أبيها أو أخيها ..الخ وهكذا لما تشتاق لأحدهم يتجلى لها في أى وقت.
4- رحيل رجل الصلاة :
و في فجر الثلاثاء 9 مارس سنة 1971 ظهرت لها أختها جوليا وأعطتها السلام فتعجبت فوزية من هذا الظهور وسألتها قائلة "يعنى أنا مفكرتش فيك الليلة دى" فردت جوليا وقالت "أصلى أنا مش جاية عشانك. أنا قلت أشوفك بالمرة، إحنا جايين في موكب سماوى كبير نأخذ البابا كيرلس وطالعين على طول" ثم اختفت من أمامها حتى لا تتأخر. فأيقظت فوزية زوجها وهي في غاية التأثر قائلة "خسارة كبيرة يا أنسى، البابا كيرلس خلاص هينتقل للسماء" وكان هذا في فجر الثلاثاء انطلق بعدها بساعات قليلة البابا كيرلس إلى السماء وكانت فوزية في ذلك الوقت في الأقصر يفصلها مئات الكيلومترات عن مقر البابا في القاهرة.
معصرة الألم :
سمح لها الرب بالتجربة الأليمة "مرض السرطان" حتى يظهر بالضعف ما هو أقوى من القوة. احتملت من الآلام ما لا طاقة للجبابرة على احتماله وبدأت رحلة المرض معها في سبتمبر 1981 لتستمر رحلة السرطان معها طيلة ثلاث سنوات ونصف وفي بداية المرض استأصل الأطباء صدرها الأيسر لكن المرض كان أسرع كالقطار محطما جسدها وسرعان ما انتشر به ليفتت عظامها لدرجة أن ذراعها الأيمن قد تفتت عظامه واضمحلت قواه ثم تخللت أعاصير المرض الجزء السفلي من الجسم ليشل حركته وكانت محطته الأخيرة عندما استقر بالمخ. تقبل جسدها أعدادا هائلة من حقن المورفين وعديد من جلسات الكوبلت وما هذه الجلسات سوى موت أكيد أنفاسه ضيقة يعود بعدها المريض لحياته وكأنه عاش بعد موت حتى إن الأطباء قد تحيروا جدا من قوة آلامها وطول مرضها مؤكدين لزوجها أنها حالة فريدة من نوعها.
في يوم كانت متألمة جدا لدرجة انه من شدة آلامها إحمر وجها واهتز السرير بشدة من رعشات الألم لدرجة أن كاهن الكنيسة صلى صلاة حارة وبدموع لأنه تألم لأجلها جدا. وبعد أن انصرف أبونا قالت لزوجها "شفت إزاى يا أنسى إن كل ألم وراه بركة كبيرة لأنه لو ما كنتش اتألمت في وجود أبونا كيرلس مش كنا خسرنا بركة الصلاة دى اللي إحنا اتباركنا بيها؟" وهكذا كانت بالروح تحلل كل الأمور طوال معاناتها من مرضها القاسى الفظيع.
كانت أثناء الليل وهي بين النوم واليقظة (لأنها كانت لا تعرف طعم النوم بمعناه الطبيعي) من فرط آلامها الشديدة والمستمرة إنما كانت تحت مفعول المهدئات والمنومات تذهب في اغفاءات صغيرة من النوم تتكلم فيها بكلمات بسيطة واضحة وعميقة تصور فيها مشاعرها وتعلنها في صورة تأملات وأحيانا نصائح وإرشادات وأخرى إعلانات لما تراه من رؤى روحية وسماوية وهي تحت وطأة الألم. وهنا يسرد زوجها بعض مما سجله لها مما قالته أثناء الشهور الأخيرة من مرضها ويقول "زوجتي نيح اللـه نفسها كانت تتكلم بهذه الأقوال في وضوح وبساطة وهي لم تقصد أن توجهها لأي أحد منا ولكنها كانت تقول تلقائيا معبرة به عن مشاعرها ومكامن وجدانها ورغم أنها كانت تقولها وهي تحت وطأة الألم إلا انها كانت مع بساطتها أقوالا مرتبة وواضحة ذات أفكار عميقة هادئة وكنت اسمعها أنا بمفردي أثناء الليل اشعر كما لو كان روح طيب مقدس بداخلها يلقنها لتخرج عباراتها رصينة وغير مهزوزة وفيما يلي مقتطفات من هذه الأقوال:
الشبع الحقيقي :
يا يسوع انت اللي تشبعنا بس مش هنشبع من أجسادنا أبدا مهما أكلنا ولبسنا وأخذنا .. أهو أنا دلوقت جسدي يبلى يوم بعد يوم وحتى اللقمة الصغيرة بتقف في حلقى لكن أشكرك لأنك ورتنى إن انت شبعى ولأنى في أوجاعي الشديدة أشوفك جنبي، زمان وأنا كويسة ما كنتش أشوفك وعلشان كده أنا اصبر واشكر وافرح.
العالم يمضى وشهوته:
باريت الناس يعرفوا يعملوا لك مكان في حياتهم، الشيطان يضحك عليهم علشان يملوا قلوبهم بأمور العالم الفانية لغاية ما يتبقاش فيها مكان لك، أرجوك ياربى تفرح الكل بشخصك وتساعدهم علشان يجعلوا لك مكان في قلوبهم وأفكارهم ويفرحوا الفرح الحقيقي الفرح اللي ولا أشد الأوجاع تزحزحه.
أهو أنا في الامى الشديدة أشوف عطاياك العظيمة وأشوف عطاياك العظيمة وأشوف نفسي مش مستحقة لها فأفرح واصبر وأقول زي ما أخذت منك الحاجات الحلوة لازم اقبل من ايدك بشكر الحاجات المرة وحتى الحاجات المرة هي نفسها عطية كبيرة لأنى باشوفها فتفوتة صغيرة خالص من الصليب تجعلنى شريكة معك في الآمك.
أنا لما أشوف حبايبى المؤمنين يحاولوا يشبعوا من أمور العالم الزائلة بزعل خالص .. زي فترينات المحلات مثلا يفكروا إن سعادتهم فيها عرفهم يارب إن ينبوعهم الحى هو انت المحب والغنى واللي تحب تدينا دائما وكل ما تشوفنا سعداء بحبك وبشخصك تفرح انت وتديلنا اثر، انت كنت مع يوسف ويقول الكتاب انه كان ناجح في كل شئ.
المحبة أساس البنيان :
يارب خلى ولادى يعيشوا لك ويعيشوا فيك علشان يعيشوا حياة الفرح الحقيقي في يسوع في طهارة وأمانة واتضاع ووداعة وقناعة وبحق الالام اللي أنا فيها احفظ حياتهم في حبك ويحبوا بعض ويحبوا كل الناس. حتى الوحشين يحبوهم علشان خاطر ربنا ويطلبوا من أجلهم علشان صليبك اللي خلص الكل.
الفرح الحقيقي :
أشكرك ياربى يسوع لأن ضيقتي دى ورتنى جمالك اللي فوق جمال كل البشر ، أنا شفت كتير وانت ورتنى كتير وفرحت كتير لكن كل الفرح ده كان محدود وينتهى بسرعة لكن فرحى بك انت هو اللي في زيادة على طول وفرحى باقي للأبد ولولا الفرح ده أنا ما كنتش استحمل لحظة من الامى الشديدة اللي أنا أقاسيها كل لحظة من الشهور الطويلة دى.
ميراث مجد لا يتدنس ولا يضمحل
أنا فرحانة بك انت وبثوب المجد اللي شفته عندك وقلت لي أنا هلبسه بعد شوية، وأنا يا أولادي عايزاكم تفرحوا دايما، علشان أنا هاكون خلعت ثوب الألم والوجع. تكرهوا إن أمكم تنزف للسما؟ وهناك هتكون روحها معاكم اكثر من هنا بكتير وتكون لها رسالة معاكم اكثر من هنا بكثير، أنا يوم ماما لما روحت من العالم ده وقت انتقالها وقفت جنب سريرها وصليت من اجلها وكما لأجل نفسي علشان الرب يعطيني الإيمان والقوة وفاتت التجربة بسلام واللـه ساعدني انى بأشعر دائما انها ويايا وأنا وياها. وأنا عايزاكم تكونوا كده ولا تحزنوش أبدا علشان أنا مازعلش وأنا في فرحى السماوي. وأنا متأكدة إن اللـه هيكون معاكم اكثر واكثر وبعدها أروح أنا عنده هيتمجد معاكم اكثر ويكون لكم نجاح في كل شئ.
رسالة إلى الشباب
بس اخدموه واخدموا كنيستكم أمكم الأصلية اللي ولدتكم من معموديتها وعيشوا حياة الطهارة علشان الروح القدس يسكن ويدوم فيكم. ولا يهمكم العالم فأعملوا دايما الشيء المظبوط فإذا الناس كانوا راضيين كويس وإذا ما رضيوش معلش، المسيح القدوس نفسه كان كثير من الناس ما يرضوش عنه.
جوهر أرواحكم
أنا اتعلمت من تجربتى كتير ، كنت زمان اهتم بكلام الناس وكان يهمني المظهر لكن بعد العبر الكثيرة اللي ورهانى ربنا وشفت إن اللي احسن منى راحوا للدود والتراب عرفت إن دى خدعة لازم ما ننخدعش بيها. ومن وقتها وأنا بحب البساطة الكاملة والطبيعة المجردة من كل شئ لدرجة إن كتير انتقدوني وكمان جرحوني علشان المظهر وغيره لكن ما كنش يهمني أى شئ مادام أنا راضية، المسيح كان بسيط ويوصى بالبساطة في كل شئ. في الأكل كمان لازم نكون بسطاء كله كلام فارغ يا أولادي وكله للفساد.
أرواحكم بس هي اللي تحافظوا عليها وتهتموا بيها هي الباقية والجسد لو اديناله اكثر من اللازم ممكن يكون سبب هلاكنا وضياع خلاصنا، صحيح اطلبوا نجاح حياتكم في الدنيا علشان نجاحكم ده تخدموا بيه ربنا وتمجدوه لكن أوعوا تفكروا إن نجاحكم ده حاجة تذكر لو ما كنش معاه نجاح في الروح يبقى زي قلته. المهم هو نجاح أرواحكم قبل كل شئ أما نجاح العالم هينتهى ويبقى هو وعدمه واحد.
تعزيات العريس للعروس
و كانت لها لقاءات متعددة مع حبيب نفوسنا يسوع الذى سمح في تنازل محبته أن يتراءى لها عدة مرات معلنا لها ذاته، بل ناشرا حولها نوره وجماله. ويدخل معها في حوارات عديدة يمدها من خلال أحاديثه العذبة بالرجاء والمعونة والتعزية يخفف عنها آلامها لتصير عروس مزينة لائقة بعرس مجده الإلهي
جماله ابرع جمالا من بنى البشر
يحكى زوجها أنه في إحدى الليالي التى كانت فيها تئن من شدة الألم ذهبت في إغفاءة نوم بعد حقنة المورفين ثم أيقظته بصوتها قائلة له "يا حلاوة ايه اللي أيا شايفاه ده يا أنسى؟"
فيرد هو : "شايفة ايه"
فتقول له: شايفة يسوع جماله غير عادى ما أقدرش أوصفه
فيرد عليها : طبعا مش هو ابرع جمالا من بنى البشر
فتقول : صحيح صحيح
فيرد عليها : قال لك حاجة؟
فتقول : ايوه قاللى تحبى تيجى عندى دلوقتى؟ فقلت له ايوه حاضر أنا مشتاقة خالص بس بعد شوية قليلة، سيبنى أكلم أولادي وأوصيهم شوية انهم يكونوا معاك وبعد كده آجى عندك.
ثم تتأوه وتقول آه .. آه الالام شديدة خالص لكن أشكرك يا يسوع لأنك معايا تسندنى أنا مستحقش أبدا كل عطاياك اللي انت كاسفنى بيها حتى الحقنة المسكن اللي مش كل واحد متألم بيلقاها أنا ما استهلهاش.
أشكرك ياربى الف شكر ده أنا شبعانة بيك خالص وما عنديش اى فراغ في حياتي وفي نفسي كل الناس تكون شبعانة من شبع المسيح الحقيقي اللي هو خبز الحياة.
باريت كل الناس يا حبيبي يجربوا يكونوا شبعانين بيك وعمرهم ما يجوعوا ولا يحتاجوا لشيء ولا يخافوا من شئ، أوصيكم يا أولادي ثاني عيشوا فرحانين دايما بيسوع وافرحوا لي وأنا في السما معاه هناك لغاية ما نكون كلنا مع بعض معاه هناك.