نهر حب جارف
قاس ألف ذراعٍ وعبَّرني ... والمياه إلى الكعبين. ثم... إلى الركبتين. ثم... إلى الحقوين. ثم... إذا بنهرٍ... نهرٍ لا يُعبَرُ ( حز 47: 3 - 5)
الأصحاح السابع والأربعون من سفر حزقيال يحدثنا عن النهر العجيب الذي سينبع من تحت عتبة البيت الذي سيبنيه الرب، والذي سُتمارس فيه العبادة في مُلك المسيح الألفي على الأرض، كما يحدثنا عن مفعول ذلك النهر العجيب، وأثره المُدهش والقوي حيثما يتوجه النهر.
وباعتبار أن مياه هذا النهر العجيب خارجة من تحت عتبة البيت، وجارية عن جنوب المذبح (ع1)، يمكننا أن نرى فيها صورة للمحبة المتدفقة لنا من جنب المسيح المطعون، كتعبير المرنم:
نهر حب جارف قوي جرى من جنبك الطعين
وتلك المحبة أنشأت فينا نحن أيضًا الحب، كقول الرسول يوحنا: «نحن (نحب) لأنه هو أحبنا أولاً» ( 1يو 4: 19 ). وفي هذه الحالة تكون مستويات تدفق المياه كالآتي:
(1) المياه إلى الكعبين: تمثل السلوك في المحبة. يقول الرسول: «اسلكوا في المحبة، كما أحبنا المسيح أيضًا، وأسلم نفسه لأجلنا، قربانًا وذبيحة لله رائحة طيبة» ( أف 5: 2 ).
(2) والمياه إلى الركبتين تمثل امتنان القلب بمحبة المسيح، مُعبرة عن نفسها بالسجود له، كما وينشغل المؤمن بإخوته فيحملهم في صلواته أمام عرش النعمة.
(3) ثم المياه إلى الحقوين تمثل محبة المسيح التي تحصرنا، فنسعى كسفراء عن المسيح، كأن الله يعظ بنا، نطلب عن المسيح: تصالحوا مع الله ( 2كو 5: 14 - 20).
(4) وأخيرًا نصل إلى المياه الطامية والنهر الذي لا يُعبَر. وهذه تذكرنا بصلاة الرسول بولس للقديسين في أفسس، إذ قال: «حتى تستطيعوا أن تُدركوا مع جميع القديسين، ما هو العرض والطول والعُمق والعُلو، وتعرفوا محبة المسيح الفائقة المعرفة، لكي تمتلئوا إلى كل ملء الله» ( أف 3: 18 ، 19).
وما أجمل صورة مؤمن منطلق من المقادس حيث خدم الرب أولاً بسجوده، ثم يتجه بعد ذلك إلى الخارج إلى النفوس المُتعَبة المائتة ليقدم لها البركة! إن وعد الرب للمؤمن أن يباركه ويجعله بركة. وبعد أن يمارس كهنوته المقدس في السجود لله بذبائح روحية مقبولة عند الله بيسوع المسيح، فإنه يتجه إلى العالم في الكهنوت الملوكي، ليُخبر بفضائل الذي دعاه من الظلمة إلى نوره العجيب ( 1بط 2: 5 - 9).